كلمة السيد الوزيرخلال اجتماع مجلس الأمن حول وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"
- شكراً السيد الرئيس.
- لا أجد خير ما أستهل به كلمتي هذه من الترحم بكل خشوع وإجلال وإكبارعلى أرواح المائة وثمان وسبعينَ (178) عوناً من أعوان وكالة الأونروا الذين ارتقوا شهداءالإنسانية نتيجة الجرائم الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، وهم يمدُّون أيادي الإغاثةِ لأهلنا الفلسطينيين وسط الحرب المُسلطةِ عليهم ظُلماً وجُوراً وغَصْبَا.
- كما أود أن أتوجه إليكم، سيادة المفوض العامPhilippeLazzarini، لأحيي فيكم شخصياً وفي كافة العاملين تحت وصايتكم روح التفاني وروح الإخلاص وروح التضحية، وبالخصوص نكران الذات، بل هبة الذات، وهي خصالٌ جَعَلْتُم منها ردائف راقية لإسم منظمتكم.
- فلكم منّا كل الدعم والثناء والتقدير:
- لأنكم تُمثلون آخر أمل من الآمال المتلاشية التي لا زال الشعبُ الفلسطيني يتمسك بهافي محنته الجسيمة الراهنة،
- ولأنكم تُجسدونالمُثل والقِيم التي اِتَّخَذَ منها بيتُ الإنسانية هذا روافدَ وأركانَ للتحضرِ والتمدنْ، هذا البيت الذي تتداعى بُنْيَتُهُ مع كل صرخةٍ من صَرَخاتِ المظلومين، ومع كل آهةٍ من آهاتِ الموجوعين، ومع كل أَنَّةٍ من أَنَّاتِ المكلومين من أهلنا في غزة،
- ولأنكمخيرُ وأصدقُ شاهدٍعلى نكبة الفلسطينيين الحديثة بعد نكبتهم التاريخية الكبرى،تَحملون عالياً راية الالتزامبالإجماع الدوليتُجاههم وترسمون أبهى صور التضامن معهم ومع تبني الأمم المتحدة لقضيتهم العادلة.
- خمسٌ وَسبعُونَعاماً انقضتمنذتأسيس وكالة الأونروا، عمرٌ بِعُمْرِ القضية الفلسطينية نَفْسِهَا، أثبتت خلاله هذه الوكالة أهميتها البالغة ودورها المحوري في دعم اللاجئين الفلسطينيين وفي التخفيف من وطأة تهجيرهمأمام غياب أي أفق حقيقي للتكفل قضيتهم.
- واليوم، صارت هذه الوكالة الأممية محل هجومٍ سافر واستهدافٍمُشِينْ من قبل الاحتلال الإسرائيلي الإستيطاني الذي لم يتردد في قصف أزيد من مائة وسِتين(160) مركزاً تابعاً لها، وفي استباحة دماء العاملين والمرتبطين بها، وفي اختلاق وتسويق الذرائع الواهية والحُجج الباطلة لتجفيف مصادِرِ تمويلها وإنهاء وجودها.
- والأكيدُهُنا أن المجموعة الدولية صارت تُدرك تمام الإدراك مُرادَ السلطة القائمة بالاحتلال ومَبْلَغَ مقاصِدِها من هكذا سياساتٍتستخفُ بالإجماع الدولي الذي حضيت به الولاية المنوطة بوكالة الأونروا منذ أشهر معدودة خلت بالجمعية العامة لمنظمتنا.
- فالأونروا تُستهدف أولاًلأنها تعكس ميزاتاللاجئ الفلسطيني الذي خَصَّته منظمتنا الأممية بوكالة مُتفردة تُعنى بشؤونه دوناً عن غيره من بقية اللاجئين عبر العالم.
- والأونروا تُستهدف ثانياً لأنها ترتبط تمام الارتباط بقرار الجمعية العامة رقم 194 وما تلاه من قرارات ولوائح كرّست حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، العودة إلى ديارهم، والعودة إلى أراضيهم، والعودة إلى وطن لهم.
- والأونروا تُستهدف ثالثاًكجزءٍ لا يتجزأ من المخطط الإسرائيلي الرامي لتصفية القضية الفلسطينية وإفراغ المشروع الوطني الفلسطيني من محتواه، وهدم أركان ومقومات الدولة الفلسطينية.
- في ظل هذه الظروف، فإن المجموعة الدوليةمطالبةٌ بالرد بموقف جريئٍوشجاع لحماية وكالة الأونروا وتسهيل استمرارية أنشطتها الحيوية لصالح ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الغربة والشتات.
- وهو الموقف الذي يجب أن يَكْفُلَتعزيز الوضع القانوني لهذه الوكالة، وأن يَقْطَعَدابِرِ المساعي الإسرائيلية الرامية إلى نقل مهامها إلى منظمات وهيئات بديلة، فضلاً عن حتمية إقرار آليات تضمن تمويلاًكافياً ودائماً ومُستداماً لأنشطتهاعبر إدراجها ضمن ميزانية منظمتنا الأممية.
- ومن هذا المنظور، فإنّ الجزائر تُشيدبعُدُول عددٍ مُتزايد من أعضاء المجموعة الدولية عن تجميد مساهماتهم المالية لصالح وكالة الأونروا. كما يهيب بلدي ببقية الدول المعنية أن تَحْذُوَ حَذْوَ هذا الموقف القويم والسليم، لأن الأمر يتعلق هنا بالاستجابة لصرخات واستغاثات واستنجادات آلاف وملايين الفلسطينيين الذين هُجِّروا، وشُرِّدوا، وسُلبوا أبسَطَ ما يملكون من سقفٍ يأويهم، ومن سُبُل إغتثةتَسُدُّ رَمَقَهُمْ، ومن أدنى شروط العيش والبقاء.
- ومن جانبها، وبقرارٍ من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون،فإن الجزائر تُعلنُتقديم مُساهمة مالية استثنائية قدرها 15 مليون دولار أمريكي لصالح الأونروا، وهي المساهمةالاستثنائية التيتُضاف إلى ما سَبَقَ وأن بادرت الجزائر بتقديمه بصفة مباشرة للسلطة الفلسطينية، فيما نعتبره واجباً حقّاً ومسؤوليةً ثابتة تقع علينا وعلى غيرنا من أعضاء المجموعة الدولية.
- وقناعتنا تظل راسخة من أن وكالة الأونروا يجب أن تبقى ما بَقِيَهناك لاجئون فلسطينيون، وبأن عودةَ اللاجئينَحقٌ أصيل ومتأصل لا يمكن أن يسقط بالتقادم أو المساومة أو الإنكار، وبأن القضية الفلسطينية كلٌّ متكاملٌ ومترابط، لا يقبل التجزئة أو التقسيم أو التفتيت
- وبذات القدر من الثقة واليقين، نعتقدُ تمام الاعتقادِأَنَّالاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني لا يملكُ أن يتحدّى المجموعة الدولية برمتها، وذلك:
- أَنَّحَلَّ الدولتين لا يُمكن البتة أن يبقى رهينة مُماطلاتِ ومُراوغاتِ وتلاعباتِ المحتل،
- وأَنَّ الشرعية الدولية لا يُمكن أن تبقى حبيسةَ جدرانِ هذه القاعة، وحبيسة أوهام المحتل وحساباتِه الخاطئة إلى أجلٍ غير مسمى،
- وأَنَّالإجماع الدولي يجب أنيجد طريقه إلى النفاذ عاجلاً غير آجل،عبرقيام الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
- وشكراً السيد الرئيس.
جميع الحقوق محفوظة - وزارة الشؤون الخارجية و الجالية الوطنية بالخارج